بعد الليبرالية
Out of stock
لست أحاول أن أرسم هنا صورة شديدة القتامة، ولست أحاول أن أجعلها وردية اللون؛ غير أنني أومن أنَّ حقبة «بعد الليبرالية» هي حقبةُ نضال سياسي كبرى؛ أكثر أهمية وأكثر أصالة من أية حقبة أخرى مرَّت بنا في غضون السنوات الخمسمائة المنصرمة؛ ذلك أنني أرى القوى التي تُفيد من الامتيازات مُدركةً تمام الإدراك أن «كلَّ شيء يجب أن يتغير؛ حتى لا يتغير شيء»، وهي تسعى في سبيل ذلك بكلِّ ما أُوتيت من حذق وبراعة. وأرى قوى التحرُّر وقد تقطَّعت أنفاسها، بالمعنى الحَرفي للكلمة، حين أبصرت اللَّاجدوى التاريخية لمشروعها السياسي الذي أنفقت فيه نحوًا من مئة وخمسين عامًا من النضال؛ أعني مشروع التحول الاجتماعي المتأتِّي من طريق حيازة سُلطة الدولة؛ دولة تلو الأخرى. كما أنها ليست تبدو واثقةً من وجود مشروع بديل. أمَّا إخفاق المشروع آنف الذِّكر، بل إخفاق إستراتيجية اليسار العالمي في الأساس؛ إنما كان لأنهما أُشربا الأيديولوجيا الليبرالية واصطبغا بصبغتها، حتى في أكثر صيغها غير الليبرالية «الثورية» -زعموا- كاللينينية. وإلى أن تتضح حقيقة ما حدث بين عامي 1789 و 1989؛ لن يكون هناك مشروع تحرُّري يقبله العقل في القرن الحادي والعشرين.
60.00 QAR