حرص المشرع المدني على تنظيم العلاقات القانونية وما ينتج عنها من حقوق والتزامات، وبمقتضاها يكون الشخص دائناً، أو مديناً تجاه الآخرين حيث اقتضت الضرورة وجود قواعد تنظم العلاقات القانونية من أجل التوفيق بين المصالح المتعارضة، وقد قرر المشرع وسائل كثيرة لحماية الحقوق والالتزامات، ومن أهم هذه الوسائل الدعوى، والتي تعتبر سمةً أساسية من سمات حماية الحقوق في القانون بشكل عام، والقانون المدني بشكل خاص، ففي مقابل كل حق يقرره القانون توجد دعوى تحميه، وإن استعمال هذه الدعوى مرهون بتوافر شروطها القانونية، والتي من أهمها وجود علاقة قانونية متنازع عليها بين طرفي الدعوى، ولكن في بعض الأحيان يخرج المشرع عن هذا الأصل العام ويقرر الدعوى للدائن تجاه الغير والذي لا تربطه أي علاقة قانونية سابقة بهذا الدائن سوى أنه يكون في ذمته حق لمدين هذا الدائن. ومن هذه الدعاوى ما يسمى بالدعوى المباشرة التي قررها المشرع في حالات خاصة ومحددة ــ أي في العلاقات القانونية غير المباشرة بين الأفراد ــ والتي يمارسها الدائن تجاه مدين مدينه للمطالبة بما ترتب من حق له في ذمة مدينه المباشر، والمتحقق في ذمة مدين المدين. والدعوى المباشرة تبدو وثيقة الصلة بتنفيذ الالتزام، فهي تعتبر من الوسائل التي منحها القانون للدائن في سبيل جبر المدين على تنفيذ التزاماته، لكنها ليست وسيلة متاحة لكل دائن، بل إنها تمنح للدائن الذي يوجد بين حقه، وحق مدينه تجاه الغير صلةً وارتباطاً وثيقاً بشرط وجود نص قانوني يجيزها ويحكمها.