في عالم روائي يتّسم بالغرابة يخلق الكاتب شخصياته الاستثنائية وأسماءها الغريبة. ينطلق"زنباية" من بيئته الجزائرية الريفيّة ويلعب في الآن ذاته دور السارد الذي يرسم لنا ملامح بقيّة الشخصيات بطريقة طريفة وخصوصا شخصيّة "حطبة" التي تقاسمه دور البطل الرئيسي في تناوب يكاد يكون لعبة سرديّة ممتعة، تنطلق من أحداث بسيطة وشخصيات قريبة من التهميش لتصير فجأة بدوافع التهميش نفسه شخصيّات فاعلة في عالمها السردي وعالمها الواقعي. وتكشف مفاصل الرواية عن حجم المعاناة التي تكابدها الشّخصيّات الرئيسيّة، وهي تنحت وجودها، وتحوّل ضعفها إلى قوّة تسعى إلى توظيفها في حلّ قضايا العصر من خلال رؤى مختلفة ،وتنمو أحداث الرّواية في عمق مجتمع تتداخل فيه الوقائع الاجتماعيّة بالوقائع السياسيّة لتنحت لنا كيانات متمايزة في طرح تصوراتها لقضايا العصر وحلولها. يبدع الروائي اليامين بن تومي في استخدام تقنيات سرديّة تحوّل الشخصيّة إلى ذات مركّبة يسكنها هاجس الخوف من أن يتملّكها نبوغ الفكرة في تناصّ أخّاذ ولعبة سرديّة مقتدرة. وبقدر ما تعنى الرواية بالشخصيات في بيئتها فإنّها استطاعت أن تحوّلها إلى أيقونات تعالج قضايا إنسانيّة مشتركة بعبقرية مذهلة، تقودك إلى عالم شبيه بالأساطير.
