اصبح التحكيم في الوقت الحاضر اهم وسيلة يرغب المتعاملون في التجارة الدولية باللجوء اليها لحسم خلافاتهم الناتجة عن تعاملهم فلا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية، من شرط يصار بموجبه الى اتباع التحكيم عند حدوث نزاع او خلاف يتعلق بتفسير او تنفيذ العقد المذكور، ذلك لان العقود الدولية تختلف عن العقود الخاصة بالتعامل الداخلي. حيث ان هذه الاخيرة تحكمها قواعد القانون الداخلي، اما العقود الدولية فتكون في الغالب بين اطراف تنتمي الى دول مختلفة، وتختلف قوانين تلك الدول في معالجة القضايا التي تطرح نتيجة الخلاف بين الاطراف، في الوقت الذي نجد فيه على الصعيد الدولي قواعد للتحكيم اصبحت معروفة ومتبعة من قبل التجار، والامر الاخر الذي جعل الاقبال شديدا على حسم المنازعات بالتحكيم، هو تجنب المتقاعدين عرض خلافاتهم لحسمها من قبل محاكم دولة الطرف الاخر لما في ذلك من تحمل لرسوم وتكاليف باهظة واستغراق وقت طويل، ولما يتضمنه الحكم القضائي من عنصر الاجبار والقسر في حالة عدم تنفيذه. ولهذا السبب نجد ان الطرفين يتذرعان بعدم معرفتهما بالنظام القانوني والقضائي لدولة الطرف الاخر، لكي يستبعدا عرض النزاع على القضاء الوطني والسبب الحقيقي في الغالب هو عدم الثقة بالنظام القضائي لدولة الطرف الاخر في العقد. يضاف الى ذلك ان التحكيم يستند في الاساس الى ارادة الطرفين، اللذين يختاران الاشخاص الذين يتولون مهمة التحكيم من بين المعرفون لديهم، وممن يتصفون بمعرفة نوعية التعامل التجاري الذي حدث النزاع بسببه، ومن المعروفين بحيادهم واستقلالهم. وللطرفين ايضا حرية اختيار مكان التحكيم، والقواعد الواجبة التطبيق على سير اجراءات التحكيم، وعلى موضوع النزاع. كل هذه الامور تجعل اطراف النزاع على ثقة من ان نزاعهما سوف تتم تسويته بشكل عادل وقانوني. الامر الذي يجعل تنفيذ القرار التحكيمي يتم في الغالب بشكل طوعي وليس قسرا وهذا ما يجعل العلاقة بين الطرفين مستمرة، والتعامل التجاري مستمرا بينهما دون ضغينة او قطيعة.