يتولى الادعاء العام مهمة تحقيق الشرعية الجزائية التي تعتبر إحدى صور الشرعية بوجه عام، بوصفه جهازاً من أجهزة الدولة لا شخصاً متنازعاً مع المتهم، ومعنى ذلك أن الادعاء العام يتولى في الادعاء الجنائي وظيفة ذات سلطة ولا يمارس حقاً شخصياً خاصاً به، إن أراد باشره أو تخلى عنه. فله سلطة الرقابة على شرعية الإجراءات الجزائية، وعليه واجب تحقيقها من خلال دوره في المراحل المختلفة في الخصومة الجنائية، التي منحها المشرع الإجرائي له في الدعوى الجنائية وكلاهما متلازمان، وسلطته أو واجبه في الادعاء، سواء في المواد الجنائية أو المدنية يخضع دائماً لاعتبارات الصالح العام ومقتضيات الحقيقة، وحماية النظام القانوني والاجتماعي للدولة الذي أخل به ارتكاب الواقعة الإجرامية. وعليه تتناول دراستنا هذه الجوانب المتعلقة بدوره في الخصومة الجنائية إضافة إلى سلطة في الرقابة التي تختص في سبيل تحقيق الشرعية الجزائية ببعض السمات التي تميزها عن غيرها، فهي رقابة على المشروعية وليست رقابة ملاءمة، وبذلك تختلف عن الرقابة الإدارية، كما أنها رقابة قانونية تختلف عن الرقابة على دستورية القوانين المرتبطة بمدلولات سياسية تحكم حركة الدولة، فضلاً عن أنها رقابة ذاتية لا يحتاج إجراؤها إلى ورود شكوى أو طلب.