لا شك أن الإنسان هو المسؤول حقيقة في مواجهة الحياة والمجتمع، وعلى أساسِ هذه الحقيقة ترتفع الأبنية التشريعية والأنساق الأخلاقية، ومهما اختلفت المدارس الفلسفية، وتباينت زوايا الرؤيا بين المتخاصمين حول قضية الجبر والاختيار حول مشكلة الحتمية والحرية، فإن مسؤولية الإنسان تظل حقيقة راسخة في الضمير الفردي وفي البناء الخلقي، ونحن نأخذ من استقرارها برهاناً على عدّها جزءاً من ماهية الفرد والمجتمع. وتنشأ المسؤولية المدنية عن جناية لا تمس إلا الفرد المتضرر، والعقاب فيها من حقوق العباد، ومن المعروف أن حق الله لا يقبل الإسقاط أو الإبراء ولا العفو عنه، ولا الصلح، ولا يوّرث، وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والتوارث فيها تبحث هذه الدراسة في (سقوط المسؤولية المدنية دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني) ولهذا الموضوع أهمية عظمى في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني وذلك لأن أكثر الخصومات والمنازعات تقع فيه، خاصة مع كثرة حوادث إتلاف الأموال في واقع الحياة اليومية، فمن أتلف مالاً أو متاعاً لغيره وجب عليه أن يضمن بدل هذا الإتلاف. لأنه لا يجوز للشخص أن يعتدي على الغير سواء أكان اعتداءً مادياً أو معنوياً، ولابد من الإشارة إلى أن هذه الدراسة تفتح المجال أمام من يتحمل تبعة المسؤولية المدنية أن ينفيها عن نفسه وبالتالي تسقط المسؤولية عنه وسيتم تفصيل ذلك في فصول الدراسة إن شاء الله تعالى.