الرحلة الحجازية 1930م -1348 هجري -محمد بو شعره
In stock
ساءنا ما كنا نراه كل ليلة من نوم بعض الحجاج في الحرم الشريف، فبعد صلاة العشاء ينقلون فراشهم إليه وبلا فراش أيضاً، وإذا جئنا للحرم فبالفجر نجدهم مشبوحين على الأرض مانعين الناس من المرور، وفي بعض الأحيان نطؤهم بأرجلنا، ثم إذا حان وقت الفجر أتى المكلفون بالحرم، بيدهم قضب من عود يضربون بها الأرض وينهضونهم".
تقدم هذه الرحلة الحجازية ملمحاً طريفاً عن شخصية المثقف المغربي ونظرته إلى الآخر، خاصة في التعرض لقضايا شائكة كقضية الحجر الصحي، وظاهرة البدع في المغرب والمشرق العربيين، وغيرها من القضايا والمسائل، فضلاً عن تصوُّر الحاج بوشعرة للحداثة.
والرحلة جاءت في ظرف تاريخي دقيق للغاية، لسببين أولهما بتمثل في التحول العام الذي طرأ على طريق الرحلة الحجية، وثانيهما يتعلق بالظروف التاريخية والسياسية التي عرفها المغرب والمشرق المستعمَرَيْن آنذاك، ولا شك أن هذه الأجواء ستجد لها صدى مباشراً في نصوص الرحلات.
المحققة التي نالت عن تحقيقها ودراستها جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة تنبه إلى أن مشاهدات الحاج بوشعرة وملاحظاته في المشرق لم تقتصر فقط على المآثر والمزارات الدينية، بل تعدتها إلى الجوانب الاجتماعية كانتقاده لتصرفات الحجاج داخل الحرم المكي واستيائه أحياناً في بعض الأمور، دون أن تغفل تذمّره من بعض الأساطير والخرافات المرتبطة بزيارة المآثر المشرقية.
وقد حاولت المحققة الإجابة بشكل غير مباشر عن أسئلة إشكالية حارقة من قبيل: هل الرحلة مصدر تاريخي، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي معنى؟ وهل تسمح طبيعة الرحلة باستكشاف القيمة المصدرية لجنس يجمع بين الأدب والجغرافيا والعجائب والكرامات وشتى أنواع العلوم والمعارف والأجناس؟.